قميص النصر على شاشة Amiga 500

كيف بدأت بالتصميم الرقمي؟

في مطلع التسعينيات، كان الحاسوب بالنسبة لكثير من الشباب الصغار وسيلة للّعب والترفيه، وكان كذلك بالنسبة لي… حتى جاءت لحظة غيّرت الكثير مع علاقتي بالحاسوب.


كنت حينها أمتلك جهاز Amiga 500، ذلك الجهاز الذي سبق وقته وأسرني بقدرته على تقديم ما يشبه المعجزة في زمنٍ كانت التقنية فيه لا تزال تخطو خطواتها الأولى. وبينما كان أكثر من حولي يقضون أوقاتهم في استكشاف الألعاب وأنا منهم إلا أنني وجدت في نفسي ميل إلى برنامج اسمه Deluxe Paint الذي تعرفت عليه من خلال مجلة AMIGA WORLD، التي كنت أقتنيها من ركن الكتب والمجلات في سوبرماركت التميمي. كانت تلك المجلة أشبه بكنز معلوماتي مصور يفتح أبواب المعرفة بالتقنية.



Amiga 500 هو الحاسب المنزلي الأكثر مبيعاً من شركة Commodore منذ إطلاقه عام 1987

كان علي ترجمة بعض مقالات المجلة مما يتطلب جهداً يدفعه الشغف

برنامج Deluxe Paint صدر لأول مرة في نوفمبر 1985، وكان بوابة دخول الكثيرين لعالم التصميم الرقمي. بدأت أولى تجاربي معه عام 1991، واستمر تطويره حتى آخر تحديث رسمي صدر في عام 1995.

كان هذا البرنامج بوابتي الأولى إلى عالم التصميم الرقمي. وبين أدواته البسيطة، كانت هناك أداة أبهرتني: الفرشاة التناظرية، التي كلما رسمت شيئاً ما في جانب من الشاشة ترسم مثيله في الجانب الآخر، فتمنح التصميم تناغم جميل.

وذات مساء، جلست أمام الشاشة، يملؤني حماس طفولي لا يوصف، قررت أن أرسم شيئ أعجبني: قميص نادي النصر السعودي للموسم الرياضي عام ١٤١٢ هـ.
ولعل ما دفعني إلى اختياره تحديداً في تلك اللحظة، أن نادي النصر كان قد ظهر بقميص جديد وبتصميم مميز ومختلف عمّا سبقه، وأردت أن أحاكيه عبر الشاشة الصغيرة.

محاكاة لتصميم قميص نادي النصر السعودي

أول ظهور لهذا القميص عام ١٤١٢هـ

بدأت أختار الألوان، وأرسم الخطوط، وأُنسّق التفاصيل الصغيرة بدقة شاب صغير يُحب ما يفعل. وما إن انتهيت من التصميم، حتى دخل أخي الأكبر، نظر إلى الشاشة مذهولاً، وقال:

“متى نزلوا قميص النصر على الكمبيوتر؟”


ابتسمت، ولم أجب مباشرة… كانت لحظة إدراك لا تُنسى؛ شعرت فيها أنني وصلت إلى مستوى جعلني أُحاكي التصميم الأصلي بدرجة قريبة ومُرضية.


ولأنني شعرت بالفخر بما صنعت، قررت أن أذهب أبعد من شاشة  Amiga 500…


ذهبت إلى محل خياطة الملابس الرياضية في حي الملز، مقابل الملعب المعروف، وطلبت منهم  تفصيل نفس القميص، لكن بألوان لا تنتمي لأي نادي رياضي… كانت ألوان من اختياري.

ولأول مرة، كتبت على صدر القميص كلمة Musalam — اسم العائلة — وكأنني أُعلن ميلاد هوية بصرية تخصّني وبالفعل تحولت فيما بعد إلى موقع musalam.com.


القميص الذي أخترته لنفسي بألوان لا تنتمي لأي نادي رياضي

كانت تلك لحظة ميلاد علاقة جديدة مع الحاسوب. لم يعد بالنسبة لي جهازاً للألعاب فحسب، بل أصبح أداةً للإبداع، وساحةً للتعبير، ووسيلةً لاكتشاف القدرات.


رسالة إلى الجيل الجديد:

في زمننا هذا، صار العالم الرقمي أوسع بكثير مما كان عليه. الأدوات متوفرة، والبرامج متاحة، والفرص أكبر.

لا تحصر علاقتك بالحاسوب في الألعاب فقط.


أنا لا أقول إن الألعاب خطأ، بل فيها متعة وفوائد أحياناً، ولكنني أدعوكم لتجربة شيء مختلف.


جرّب… وابدأ بشيء بسيط. لا تنتظر اعتراف الآخرين، كن أنت مكتشف نفسك.

ومن يدري؟ ربما تكون شرارة البداية في قميص ترسمه، كما حصل لي قبل أكثر من ثلاثين عام.

مشاركة التدوينة
منصة X
مشاركة التدوينة على الفيس بوك
مشاركة التدوينة
رسالة لعلي المسلم عن التدوينة
musalam musalam.net علي المسلم
musalam musalam.net علي المسلم