أربع زيارات!!

في عام 1998 اشتريت من معرض الكتاب بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية كتب تعليمية في مجال تصميم صفحات الإنترنت، في ذلك الزمن قرأت كثيراً عن الشبكة العنكبوتية من خلال المجلات وبعض الكتب قبل أن تتاح للإستخدام العام لأول مرة في السعودية سنة 1999 حيث كانت الخدمة المتاحة قبل هذا العام مقدمة من شركة النظم العربية المتطورة (نسيج) وهي عبارة عن (Intranet) و الإنترانت شبكة داخلية ذات نطاق جغرافي محدود، وبالفعل كانت الخدمة في أول أمرها للمستخدمين في منطقة الرياض فقط والسماح بدخول محصور على مواقع إخبارية وبعض الصحف والمجلات مع تقديم بعض الخدمات كالبريد الإليكتروني ومنتدى للحوارات. وعندما وصل الإنترنت الغير محدود إلى جهازي الشخصي قمت على الفور بترقية الــ fax-modem لسرعة 56k من شركة USRobotics وهي شركة أمريكية تتمتع بسمعة جيدة في السوق، كان الاتصال بالإنترنت عن طريق (Dial Up) وهو اتصال تقليدي من خلال خط الهاتف الثابت على شركات مزودة لخدمة الإنترنت مما يتطلب صبر لتحصل على اتصال ناجح بجانب ذلك سيبقي خط هاتف المنزل مشغولاً طيلة الوقت الذي تقضيه في التصفح. نجح الاتصال وسافرنا عبر صفحات عالمية واطلعنا على ما لدى العالم الآخر وما إن أشبعت رغبة استكشاف هذا العالم الجديد تحولت اهتماماتي إلى تفعيل قراءاتي السابقة في تصميم صفحات الوب وحجز مساحة لي في هذا العالم الإفتراضي الشاسع لأشاركه بما لدي فوجدته غير مهتم!!

انطلقت المحاولة الأولى لتصميم صفحة على شبكة الإنترنت، ولأتمكن من ذلك لابد من معرفة تامة بلغات برمجية خاصة مما زاد المشقة على واحد غير متخصص مثلي، إلا أن بعض الشركات المتخصصة في صناعة تطبيقات الحاسبات قدمت برامج تسهل من عملية بناء صفحة إلكترونية من خلال واجهة سهلة مكونة من ايقونات، كل ايقونة اختصرت مصفوفة أوامر من لغات برمجية، وليس عليك كمستخدم سوى الضغط عليها وتحديد بعض المواصفات المطلوبة كالأبعاد والحجم والألوان لتخرج بنتيجة مقاربة لما يقوم به مبرمج المواقع الإلكترونية. وجود مثل هذه البرامج شجع هواة التصميم على بناء صفحات إلكترونية على شبكة الإنترنت وهو ما دفعني إلى دخول هذه التجربة بأكثر جدية مع العزم على الاستمرار حتى انجز مهمتي الأولى من نوعها في حياتي التقنية وهي صفحة إلكترونية على الإنترنت. حضور قوي لمشاعر الشغف الجميلة التي جعلت مني شعلة من النشاط في تلك اللحظات. كانت أول خطوات العمل هو توفير برنامج مناسب وسهل الاستخدام يتوافق وإمكانياتي وكان البرنامج الأبرز على حد علمي في تلك الفترة هو برنامج (الفرونت بيج 98)، طبعاً نسخة البرنامج التي استطعت امتلاكها كانت نسخه غير أصليه قيمتها  25 ريال لأن في ذلك الوقت لم تكن البرامج الاصلية متوفرة وليس بالسهل الحصول عليها مثل الوقت الحالي الذي توفرت فيه سبل الحصول على البرامج من متاجر إلكترونية للتطبيقات وبأسعار في متناول اليد. وثاني خطوات العمل هي توفير وسيلة لتعلم البرنامج وكان انسبها الحصول على كتاب تعليمي وهو ما وجدته في مكتبة جرير (تعلم مايكروسوفت فرونت بيج 98 في ٢٤ درساً).

بمساعدة الكتاب وتوفر البرنامج استطعت بناء صفحة إلكترونية بسيطة أطلقت عليها اسم "خيمتي" (my tent) تتكون الصفحة من أقسام فرعية متواضعة مثل (خيمتي التقنية، خيمتي الأدبية،.. الخ) طبقت ما تعلمته من الكتاب وأصبح الموقع جاهز!!  كان شعور الإنجاز لا يوصف رغم بساطة العمل وبدائيته، الخطوة التي تلي عملية بناء الصفحة الإلكترونية هي تسكين الصفحة (بمعنى رفعها على أحد الخوادم) لترى النور ويمكن لمستخدمي الإنترنت في العالم رؤيتها من خلال كتابة عنوان الصفحة، في ذلك الوقت كان تواجد شركات الاستضافة على نطاق ضيق وصعب، وبالنسبة لي لم يتوفر لدي امكانية الدفع الإلكتروني لشركات أجنبية عن طريق بطاقة الائتمان، فوجدت بالصدفة موقع على الانترنت يقدم خدمة استضافة مجانية ويضع لك اسم نطاق (دومين) فرعي بمعنى اسم موقعك سيكون مرتبط باسم مقدم الخدمة فعلى أي شخص يريد الوصول لموقعك كتابة اسم مقدم الخدمة وبعدها اسم موقعك يفصل بينهما خط مائل وبجانب ذلك راح يشبعون صفحتك الإلكترونية بعدد من البنرات الإعلانية مع عدد من الشعارات التي  تقول (تم تقديم خدمة الاستضافة مجاناً لهذا الموقع) بمعنى ”شوية مذله“ لكن نمشيها لأنها مجانية وكذلك لعدم توفر البديل.

الحمدلله حققت رغبتي بصناعة صفحة إلكترونية والتي أنتهت قبل أن تبدأ.. بمجرد خبرت كم صديق ((عندي موقع!!)) وصل عدد الزيارات إلىأربع زيارات!! هؤلاء الزائرين الكرام لا زلت أنعم بصحبتهم ويتذكرون هذه اللحظة جيداً. أهملت الموقع لأن الهدف الرئيس من العملية كلها هو تعلم التصميم،، وشيء آخر بصراحة - لم يكن هناك خطة للموقع - وكذلك تعقيد عملية تحديث الموقع.

ساعات قضيتها في قراءة كتاب (فرونت بيج 98) وغيره من الكتب والجلوس أمام شاشة الحاسوب التي لا يتجاوز حجمها (14 إنش) من شركة CTX، والحاسوب كان يعمل بمعالج الجيل الأول من بنتيوم بسرعة 133، ... كان وقتها شئ كبير ... طبعاً الآن هواتف آيفون و جالكسي الحديثة تحتوي على معالجات أسرع من المعالج المذكور، لم يكن هذا الحاسب الأول   فقد جربت استخدام حاسوب أخي عبدالله بمعالج Intel 486 بسرعة 50 MHz وبنظام تشغيل MS-DOS وبعدها حصلت على أول حاسب شخصي من شركة (صخر) بدعم من والدي رحمه الله وهذا الحاسوب العربي ”صخر“ كان مبادرة عربية كويتية طموحه تعثرت للآسف الشديد. لم استمر طويلاً على حاسوب صخر حيث أنتقلت إلى الحاسب المذهل amiga من شركة commodore بذاكرة 512KB فقط. يجب أن أتوقف هنا لأن الحديث عن تاريخ التقنية وتوثيق مراحلها يطول ولعلنا بإذن الله نقدمها في مواضيع متنوعة في وقت لاحق إن شاء الله.

مُجْمَلُ القَوْلِ أن كل الساعات التي قضيتها لتعلم تقنيات تصميم المواقع لم تذهب عبث، أخذتها معي على طول الطريقسواء على المستوى العملي او ممارسة الهوايات ومنها هذا الموقع، لذلك رسالتي إلى جيل لم يتجاوز العقد الثالث من العمر: تعلم مهارة واكتسب صنعة قبل أن يتقدم العمر، وترحل السن التي تعين على كسب الملكات، وإِجَادَة شيء يعينك على تحقيق امنياتك بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.

This is my old computer
amiga 500
Sager
A book I bought from Jarir Book
A book I bought from Jarir Book
A book I bought from Jarir Book
A book I bought from Jarir Book
مشاركة التدوينة
منصة X
مشاركة التدوينة على الفيس بوك
مشاركة التدوينة
رسالة لعلي المسلم عن التدوينة
musalam musalam.net علي المسلم
musalam musalam.net علي المسلم